responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 540
وَقَدْ سَوَّى بَيْنَ أَوْلَادِهِ فِي الْعَطِيَّةِ فَانْتَفَعَ بَعْضُهُمْ: لَوْلَا أَنَّ أَبَاكَ فَضَّلَكَ لَكُنْتَ فَقِيرًا، وَهَذَا الْجَوَابُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ نَصُّوا عَلَى أَنَّ: «لَوْلَا» تُفِيدُ انْتِفَاءَ الشَّيْءِ لِثُبُوتِ غَيْرِهِ وَبَعْدَ ثُبُوتِ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ فَكَلَامُ الْكَعْبِيِّ ساقط جداً.

[سورة البقرة (2) : الآيات 65 الى 66]
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (65) فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (66)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا عَدَّدَ وُجُوهَ إِنْعَامِهِ عَلَيْهِمْ أَوَّلًا خَتَمَ ذَلِكَ بِشَرْحِ بَعْضِ مَا وَجَّهَ إِلَيْهِمْ مِنَ التَّشْدِيدَاتِ، وَهَذَا هُوَ النَّوْعُ الْأَوَّلُ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ كَانُوا فِي زَمَانِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَيْلَةَ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ وَهُوَ مَكَانٌ مِنَ الْبَحْرِ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ الْحِيتَانُ مِنْ كُلِّ أَرْضٍ فِي شَهْرٍ مِنَ السَّنَةِ حَتَّى لَا يُرَى الْمَاءُ لِكَثْرَتِهَا وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ الشَّهْرِ فِي كُلِّ سَبْتٍ خَاصَّةً وَهِيَ الْقَرْيَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي قوله: وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ [الْأَعْرَافِ: 163] فَحَفَرُوا حِيَاضًا عِنْدَ الْبَحْرِ وَشَرَّعُوا إِلَيْهَا الْجَدَاوِلَ فَكَانَتِ الْحِيتَانُ تَدْخُلُهَا فَيَصْطَادُونَهَا يَوْمَ الْأَحَدِ فَذَلِكَ الْحَبْسُ فِي الْحِيَاضِ هُوَ اعْتِدَاؤُهُمْ، ثُمَّ إِنَّهُمْ أَخَذُوا السَّمَكَ وَاسْتَغْنَوْا بِذَلِكَ وَهُمْ خَائِفُونَ مِنَ الْعُقُوبَةِ فَلَمَّا طَالَ/ الْعَهْدُ اسْتَسَنَّ الْأَبْنَاءُ بِسُنَّةِ الْآبَاءِ وَاتَّخَذُوا الْأَمْوَالَ فَمَشَى إِلَيْهِمْ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِينَ كَرِهُوا الصَّيْدَ يَوْمَ السَّبْتِ وَنَهَوْهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا وَقَالُوا: نَحْنُ فِي هَذَا الْعَمَلِ مُنْذُ زَمَانٍ فَمَا زَادَنَا اللَّهُ بِهِ إِلَّا خَيْرًا، فَقِيلَ لَهُمْ: لَا تَغْتَرُّوا فَرُبَّمَا نَزَلَ بِكُمُ الْعَذَابُ وَالْهَلَاكُ فَأَصْبَحَ الْقَوْمُ وَهُمْ قِرَدَةٌ خَاسِئُونَ فَمَكَثُوا كَذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ هَلَكُوا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَمْرَانِ. الْأَوَّلُ: إِظْهَارُ مُعْجِزَةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ قَوْلَهُ:
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ كَالْخِطَابِ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَانِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ أُمِّيًّا لَمْ يَقْرَأْ وَلَمْ يَكْتُبْ وَلَمْ يُخَالِطِ الْقَوْمَ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا عَرَفَهُ مِنَ الْوَحْيِ. الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَخْبَرَهُمْ بِمَا عَامَلَ بِهِ أَصْحَابَ السَّبْتِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَهُمْ أَمَا تَخَافُونَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْكُمْ بِسَبَبِ تَمَرُّدِكُمْ مَا نَزَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعَذَابِ فَلَا تَغْتَرُّوا بِالْإِمْهَالِ الْمَمْدُودِ لَكُمْ ونظيره قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها [النِّسَاءِ: 47] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْكَلَامُ فِيهِ حَذْفٌ كَأَنَّهُ قَالَ: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ اعْتِدَاءَ مَنِ اعْتَدَى مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ لِكَيْ يَكُونَ الْمَذْكُورُ مِنَ الْعُقُوبَةِ جَزَاءً لِذَلِكَ، وَلَفْظُ الِاعْتِدَاءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي فَعَلُوهُ فِي السَّبْتِ كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِمْ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَكِنَّهُ مَذْكُورٌ فِي قَوْلِهِ: وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمْ إِنَّمَا تَعَدَّوْا في ذلك الاصطياد فقط، وأن يقال: إِنَّمَا تَعَدَّوْا لِأَنَّهُمُ اصْطَادُوا مَعَ أَنَّهُمُ اسْتَحَلُّوا ذَلِكَ الِاصْطِيَادَ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ: السَّبْتُ مَصْدَرُ سَبَتَتِ الْيَهُودُ إِذَا عَظَّمَتْ يَوْمَ السَّبْتِ. فَإِنْ قِيلَ: لَمَّا كَانَ اللَّهُ نَهَاهُمْ عَنِ الِاصْطِيَادِ يَوْمَ السَّبْتِ فَمَا الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ أَكْثَرَ الْحِيتَانِ يَوْمَ السَّبْتِ دُونَ سَائِرِ الْأَيَّامِ كَمَا قَالَ:
تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ [الْأَعْرَافِ: 163] وَهَلْ هَذَا إِلَّا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 540
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست